الباحث عبد الله أحمد سعيد بن بدر النهدي والهجرة الحضرمية

https://www.mahaarat.com/?p=1469


ذكر المستعرب الهولندي فان در بيرخ في كتابه (حضرموت والمستوطنات العربية في الأرخبيل الهندي 1886) أن جذور معظم المهاجرين الحضارم الذين هاجروا إلى جزر الهند الشرقية: سنقافورة وجاوة وماليزيا، قبل منتصف القرن العشرين، تعود إلى المدن والقرى التي تقع بين تريم شرقا وشبام غربا في وادي حضرموت. ويبدو لي أن ما ذهب إليه بيرخ صحيح، فأبناء المناطق الغربية من حضرموت كانوا في الغالب يفضلون الهجرة إلى شرق إفريقيا. ومن المؤكد أن جذور المواطن الكيني (عبد الله البجرة) تعود إلى قبيلة آل بن بدر النهدية التي تسكن غرب حضرموت. واسمه الكامل: عبد الله سعيد أحمد بن بدر النهدي.


ومثل الدكتور جعفر الظفاري حضّر عبد الله البجرة دراساته العليا في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، وتحصل منها على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع الأنثروبولوجي في عام 1963، بعد أن قام بدراسة ميدانية حول التركيبة الاجتماعية التقليدية في مدينة حريضة بغرب حضرموت. ونشرت جامعة أكسفورد دراسته المهمة في كتاب عام 1971 بعنوان (The Politics of Stratification in a South Arabian Town, Oxford University Press)


وبعد أن أنهى عبد الله البجرة دراساته العليا عمل في سلك التدريس في جامعتي نيروبي بكينيا ودار السلام بتنزانيا، كما ألقى كثيرا من المحاضرات في عدد من الجامعات الإفريقية والغربية. وتشمل خبرته التدريسية الإشراف على عدد من الباحثين وطلاب الدراسات العليا (دكتوراه وماجستير) في المؤسسات الأكاديمية.


لكن، منذ سبعينات القرن الماضي، كرّس المواطن الكيني عبد الله البجرة، الذي يعمل حالياً رئيسا لمركز سياسة تنمية إفريقيا المتخصص في القيام بدراسات عن الاقتصاد في إفريقيا كلها (وهو منظمة مستقلة ومقره في كينيا العاصمة نيروبي)، جهده الأكبر من أجل التنمية في إفريقيا. وقد شارك في العديد من اللجان والمنظمات المرتبطة بالاتحاد الأفريقي والأمم المتحد، وتولى بين عام 1970 وعام 1980 عضوية هيئات مهنية مختلفة مثل اللجنة المشتركة لمنظمة علم الاجتماع الإقليمية، وبين 2002 و2004 ترأس لجنة العلماء الكينيين التي نشرت عدة بحوث حول التنمية والأنظمة السياسية في إفريقيا.


وفي عام 2009 بادر الأستاذ الدكتور صالح علي باصرة، وزير التعليم العالي والبحث العلمي حينئذ، والأستاذ الدكتور سليمان بن عزون النهدي –الذي كان حينذاك نائبا لرئيس جامعة عدن للشؤون الأكاديمية، إلى استضافة الباحث الكيني عبد الله البجرة النهدي، رئيس مركز سياسة التنمية الإفريقية، في جامعة عدن. وقد اتفق الطرفان على أن يتركز التعاون العلمي والبحثي بينهما في إطار تنظيم الندوات وتبادل الأساتذة لدراسة الهجرة اليمنية في أفريقيا وشرق آسيا والخليج العربي. كما اتفق الجانبان على أن تقوم جامعة عدن بترجمة كتاب د. عبد البجرة (The Politics of Stratification in a South Arabian Town)


لكن لم يترجم الكتاب حتى الآن، وذلك على الرغم من أنه من أهم المراجع المتوفرة لدراسة التركيبة الاجتماعية التقليدية في حضرموت. وقد ركز الكتاب على الأبعاد السياسية لتلك التركيبة، وجعل منها وسيلة للوصول الى السلطة والامتيازات المادية. وكان البجرة، قبل صدور الكتاب من جامعة اكسفورد عام 1971، قد نشر ملخصا لمحتواه في مجلة الدراسات الشرقية والافريقية عام 1967، بعنوان (الصراع السياسي والتراتب الاجتماعي في حضرموت). وقد قام المعهد الامريكي للدراسات اليمنية بتضمين ترجمة الجزء الأول من ذلك الملخص في الكتاب الذي أصدره عام 1997، بعنوان (اليمن كما يراه الآخر)، ويتضمن كذلك ترجمة لعدد من الدراسات الغربية عن اليمن.


واقترح عبد الله البجرة، في لقائه برئاسة جامعة عدن، عددا من المحاور التي يمكن التركيز عليها عند دراسة دور الهجرة الحضرمية؛ أهمها:


– تاريخ حضرموت، وكيفية اكتسابها الشهرة،


-التطور السكاني في حضرموت عبر أجيال عديدة الهجرات التي جاءت إليها من بلدان عربية أخرى،


-من الذي رسم حدود حضرموت الراهنة؟


-هل حضرموت أمة أم مجرد مجتمع يمني منفصل؟


– الوجود الحضرمي المبكر في شرق افريقيا (من القرنين التاسع / العاشر) والدور السياسي والاقتصادي والثقافي الذي قام به الحضارم في سواحل افريقيا، وهو دور لا يقل أهمية عما قام به العمانيون هناك.


 -اندماج المهاجرين الحضارم في مجتمعات شرق افريقيا وجنوب شرق آسيا.


-دراسة الهجرة الحضرمية إلى دول الخليج العربي


– هجرة الحضارم إلى الدول العربية – وأبعادها الثقافية والقانونية والسياسية: خصوصياتها وظروفها الاقتصادية والقانونية والثقافية، وكيفية تعامل الدول الخليج تجاه الحضارم.


-ما الفرق بين هجرة الحضارم إلى أقطار شرق افريقيا وجنوب شرق آسيا وهجرتهم إلى دول الخليج؟


ما الأثر الذي تركته الهجرة الحضرمية في المجتمعات التي استقرت فيها الحضارم؟


ما الأثر الذي تركته الهجرة في المجتمع الحضرمي نفسه؟ على مستوى الثقافة والعادات الاجتماعية والمؤسسات واللغة والسمات المادية وما إلى ذلك.


ومن المعلوم أن جامعة حضرموت هي التي سارعت في تلك الفترة إلى إنشاء مركز لدراسات الهجرة. والسؤال هو: هل استفاد هذا المركز من تلك المقترحات التي قدمها الدكتور: عبد الله سعيد بن بدر النهدي؟


وفي عام 2013 شارك د. عبد الله البجرة ود. صادق عمر مكنون والأستاذ محمد مبارك بن دهري في تأسيس مركز بحوث حضرموت التابع لجامعة الأحقاف الذي عقد مؤتمره العلمي الأول عن الهجرة الحضرمية في جامعة لندن في مارس 2015 تحت عنوان (إعادة اكتشاف حضرموت). وقد نشرت بحوث هذا المؤتمر في كتاب في مطلع عام 2017 

Post a Comment

0 Comments